توقعات أسعار البلاديوم: هل سيعود المعدن الثمين للارتفاع في عام 2023؟

من قبل أخبار Capital.com
تُستخدم غالبية إمدادات البلاديوم للمحولات الحفازة في المركبات الآلية. – الصورة: RHJPhtotos / شاترستوك

ارتفعت أسعار البلاديوم بشكل حاد عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، باعتبار روسيا أكبر مصدر لهذا المعدن، لكنها شهدت استقرارًا تدريجيًا في عام 2022 مع استمرار نقص الرقائق الإلكترونية والتوجه المتسارع نحو السيارات الكهربائية مما أثر سلبًا على الطلب.

الى جانب موضوع العرض، وبعد تجاوز تداعيات الأحوال الجوية والفيضانات في مناطق الاستخراج الرئيسية، يتوقع المحللون فائضًا في سوق البلاديوم خلال عام 2023.

الرسم البياني لسعر البلاديوم الفوري

إلى أين يتجه هذا المعدن الثمين؟ وما هي آفاق استخدامه مع تزايد شعبية السيارات الكهربائية؟ نستعرض هنا العوامل الأساسية التي تشكل توقعات سعر البلاديوم .

ما هو البلاديوم؟

البلاديوم هو معدن نفيس أبيض فضي، اكتُشف في البرازيل في القرن الثامن عشر وتم وصفه حينها بأنه "ذهب عديم القيمة". ولم يتم استخراج المعدن بنجاح حتى عام 1803 على يد الكيميائي والفيزيائي الإنجليزي ويليام ولاستون.

يوجد البلاديوم اليوم ضمن معادن الكبريتيدات، مثل معدن البراجيت، ويتم استخراجه كمنتج ثانوي لعمليات إنتاج النيكل والنحاس والزنك. يُصنّف البلاديوم إلى جانب البلاتين والروثينيوم والروديوم والإيريديوم والأوزميوم كواحد من ستة معادن ضمن مجموعة البلاتين (PGMs). تتسم هذه المعادن النادرة بخصائصها التحفيزية الفائقة.

يستخدم معظم البلاديوم المنتج عالميًا في المحولات الحفازة - وهي أجهزة مدمجة في نظام عادم السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري لتقليل الانبعاثات الضارة. من المتوقع أن يؤثر الانتشار السريع للسيارات الكهربائية سلبًا على الطلب على البلاديوم لأنها لا تتطلب هذه المحولات.

يستخدم هذا المعدن أيضًا في الإلكترونيات، على سبيل المثال في المكثفات الخزفية للحواسيب والهواتف المحمولة، وفي طب الأسنان للحشوات والتيجان، وكذلك في صناعة المجوهرات كبديل أرخص للبلاتين.

شغلت كل من جنوب إفريقيا وروسيا وكندا والولايات المتحدة وزيمبابوي مراكز الصدارة في إنتاج البلاديوم خلال عام 2021، وفقًا لبيانات موقع Statista. بينما كانت أكبر الدول المصدرة للمعدن هي روسيا وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا. أما أكبر المستوردين فكانت المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وهونغ كونغ وسويسرا، بحسب بيانات WITS .

نظرًا لندرته، غالبًا ما يُنظر إلى البلاديوم كأصل استثماري. يمكن للمتداولين المضاربة على أسعار البلاديوم من خلال أدوات مختلفة، مثل: تداول البلاديوم، والعقود الآجلة وعقود الخيارات، وأسهم شركات تعدين البلاديوم، وصناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)، والمشتقات المالية. يُرجى العلم أن جميع أشكال التداول تنطوي على مخاطر الخسارة.

تحليل سعر البلاديوم

يتحدد سعر البلاديوم، شأنه شأن السلع الأساسية، بشكل رئيسي وفقًا لقوى العرض والطلب. شهد سعر البلاديوم الفوري ارتفاعًا ملحوظًا في عام 2020 نتيجة القيود التي فرضتها الجائحة على سلاسل التوريد في الدول المصدرة، ما أدى إلى اتساع فجوة العرض.

كما ساهمت الأعطال الفنية في منشأة شركة أنجلو أمريكان بجنوب إفريقيا في تفاقم هذه الأزمة. وتلا ذلك في فبراير 2021 فيضانات ضربت منجمًا ضخمًا لشركة نوريلسك نيكل الروسية - أكبر منتج للبلاديوم عالميًا - تبعها حادث أدى لتعطل وحدة التركيز. تزامنت هذه الأحداث لتضغط بشكل كبير على حجم المعروض، وترتقي بسعر العقود الآجلة إلى قمتها في عام 2021 عند 2976 دولارًا للأونصة في مايو من نفس العام.

لاحقًا في النصف الثاني من عام 2021، أدت أزمة نقص الرقائق الإلكترونية إلى خفض الإنتاج بشكل كبير في قطاع صناعة السيارات على مستوى العالم. وقد انعكس ذلك مباشرة بالانخفاض الحاد في الطلب على البلاديوم، لتهبط أسعار العقود الآجلة بمقدار النصف تقريبًا وتصل إلى 1604 دولارًا للأونصة في ديسمبر 2021.

رغم الارتفاع القياسي الذي دفع أسعار البلاديوم إلى 3146 دولارًا في مارس 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، سرعان ما استقرت الأسعار مدفوعة بقوة الدولار الأمريكي واستمرار ضعف الطلب من قطاع السيارات. وفي الأشهر الأخيرة من العام نفسه، عادت أسعار العقود الآجلة للتحرك ضمن نطاق 1900 دولار للأونصة تقريبًا.

فائض متوقع في المعروض لعام 2023

أشارت شركة نوريلسك نيكل الروسية في تقريرها الصادر بأغسطس 2022 إلى أن اضطرابات سلاسل التوريد نتيجة العقوبات الغربية أثرت بشكل سلبي على مبيعات النصف الأول من العام.

لاحقًا، أكد تقرير النصف الثاني التوقعات بارتفاع حجم المعروض، مع التنويه إلى "احتمالية تراجع العرض على المدى القريب بسبب استمرار تداعيات الفيضانات على منجم Stillwater، وإمكانية حدوث إضراب في منشآت Sibanye-Stillwater في جنوب إفريقيا".

تشير التقارير إلى أن مناجم شركة Sibanye-Stillwater للمعادن الثمينة في ولاية مونتانا الأمريكية تضررت بشكل ملحوظ من فيضانات عنيفة في يونيو 2022، مما أجبر الشركة على خفض توقعات الإنتاج السنوي إلى 445,000-460,000 أونصة وفقًا لتقرير نصف العام الأخير .

أشارت مجموعة Heraeus Group في توقعاتها لسوق المعادن النفيسة لعام 2023 إلى أن "المعروض الأساسي من البلاديوم سيرتفع تدريجيًا بعد استقرار الإنتاج في المناجم المتضررة سابقًا من الاضطرابات المناخية، إضافة إلى معالجة كميات المخزون المتراكمة في عمليات الصهر المتأخرة في جنوب إفريقيا في 2023".

وأضافت المجموعة، "يُتوقع ارتفاع طفيف في المعروض الثانوي للمعدن، لكن هذا الارتفاع قد يفقد زخمه في حال تفاقم التباطؤ الاقتصادي، لما له من آثار سلبية على عمليات إعادة تدوير مخلفات مكونات السيارات".

توقعّ بنك أوف أمريكا في مذكرة بحثية صادرة في سبتمبر 2022 انتقال البلاديوم إلى حالة فائض تدريجي، على أن يرتفع الاستهلاك العالمي بنسبة 4.5٪ في عام 2023 وينخفض الانتاج العالمي بنسبة 5.8٪، ما يخلق فجوة عرض بحدود 1.809 مليون أونصة.

أشار البنك كذلك إلى احتمالية زيادة الفائض ليصل إلى مستوى 2.3 مليون أونصة في عام 2024، مؤكدا أن "البلاديوم سيشهد حالة من الإفراط في العرض على المدى المتوسط".

استمرارية ضعف الطلب من صنّاع السيارات

أفادت شركة نورنيكل أيضًا أن "تعافي سوق السيارات العالمي سيتأجل إلى عام 2023 وسط استمرار نقص أشباه الموصلات والاضطرابات في سلاسل التوريد". مع ذلك، تتوقع الشركة انتعاش الإنتاج في قطاع السيارات بنسبة 11٪ ليصل إلى 89 مليون وحدة في 2023، بدعم من انفراج تدريجي محتمل في أزمة الرقائق.

سلّط محللو ANZ Research في تقريرهم الصادر في ديسمبر الضوء على "إمكانية تخفيف أزمة الرقائق الإلكترونية وبدء تعافي الطلب على المعادن الثمينة من قطاع السيارات". إلا أنهم أضافوا تنبيهًا مفاده أن

"الغموض المحيط بالوضع الاقتصادي قد يضع حدًا للمكاسب المحتملة، خاصًة مع استحواذ روسيا على حصة تزيد عن 35٪ من إنتاج البلاديوم العالمي".

أكد محللو مجموعة Heraeus على استمرارية الضغوط والعوامل المهددة للطلب على البلاديوم في قطاع السيارات، مشيرين بالخصوص إلى تنامي شعبية السيارات الكهربائية والجهود الدولية للتحول نحو مصادر طاقة مستدامة. وذكرت المجموعة أن:

"من المتوقع أن ينخفض الطلب من قطاع السيارات بشكل بسيط في عام 2023 ليصل إلى 7.7 مليون أونصة تقريبًا. هناك توقعات بتحسن في إنتاج مركبات الركاب الخفیفة مع تجاوز العقبات في سلاسل التوريد، إلا أن استحواذ المركبات الكهربائية على حصة سوقية أكبر، والركود التضخمي في أوروبا والولايات المتحدة قد تحد من هذا الانتعاش المحدود. يضاف إلى ذلك، إمكانية استبدال بعض مكونات المحولات الحفازة في مركبات الوقود الأحفوري بمادة البلاتين الأقل كلفة، ما يشكل ضغطًا إضافيًا على الطلب."

توقعات أسعار البلاديوم لعام 2023 والأعوام القادمة

تشير توقعات محللي ANZ Research إلى تداول البلاديوم بمتوسط 2048 دولارًا للأونصة خلال عام 2023، مع ميل للهبوط ليصل سعر الأونصة إلى 1805 دولارًا في 2024.

وقد برر المحللون تراجع الأسعار المتوَقع في مذكرة صدرت في شهر سبتمبر بما يلي: "نرجح أفضلية أداء البلاتين على حساب البلاديوم، في ضوء ارتفاع الطلب على البلاتين للاستخدامات الصناعية كقطاع صناعة المجوهرات. من جهة أخرى، من المرتقب في حال عودة الاستقرار لسلاسل التوزيع أن يرتفع الطلب على البلاديوم ضمن قطاع المحولات الحفازة لسيارات الوقود التقليدي".

في سبتمبر 2022، حدّد بنك أوف أمريكا هدفًا لسعر البلاديوم في 2023 عند مستوى 1740 دولارًا للأونصة، مشيرًا إلى أن "نقص الرقائق الإلكترونية يشكل سقفًا لارتفاع الأسعار على المدى القصير، إلا أن استقرار الإنتاج الصناعي سيشكل دافعًا قويًا للطلب على مدى أوسع".

ويتوقع البنك استمرار الانحدار ليسجل تداول المعدن 1564 دولارًا للأونصة في عام 2025، ثم إلى 1497 دولارًا في 2026.

تتراوح توقعات مجموعة Heraeus Group لسنة 2023 بين 1300 و2259 دولارًا، تبررها التوقعات بتحول السوق لحالة فائض مما يؤثر سلبًا على الأسعار. أضاف محللو المجموعة:

"من المحتمل أن يشهد السوق فائضًا في العرض يغذّيه انخفاض محدود في الطلب مقابل زيادة العرض الأساسي، وذلك حتى إذا تراجع مستوى العرض الثانوي دون سقف التوقعات".

من جهتها، تتوقع شركة TD Securities تداول البلاديوم عند 1879 دولارًا للأونصة في الربع الأول من 2023، ليرتفع السعر تدريجيًا إلى 2100 دولارٍ مع بداية 2024. أما على مدى الآجال الطويلة، فتتوقع الشركة انحدارًا نسبيًا للأسعار لتسجل 1950 دولارًا للأونصة في عام 2025.

وبحلول 15 ديسمبر، يُتوقّ‘ بلوغ سعر البلاديوم 2032 دولارًا للأونصة قرب نهاية هذا الربع، و2300 دولارًا للأونصة خلال العام المقبل حسب تصريحات الموقع TradingEconomics.

امتنع المحللون عن إصدار توقعات طويلة الأجل لسعر البلاديوم في عام 2030، نظرًا لكثرة عوامل التقلب وعدم اليقين في السوق.

توقعات المحللون لأسعار البلاديوم

 

2023

2024

2025

2026

ANZ Research

2,048 دولارًا للأونصة

1,805 دولارًا للأونصة

   

BofA

1740 دولارًا للأونصة

1632 دولارًا للأونصة

1,564 دولارًا

1,497 دولارًا للأونصة

Heraeus Group

1,300 دولارًا للأونصة - 2,259 دولارًا للأونصة

     

TD Securities

1,879 دولارًا للأونصة في الربع الأول

2,100 دولارًا للأونصة في الربع الأول

1,950 دولارًا للأونصة

 

Trading Economics

2,300.09 دولارًا للأونصة في الربع الرابع

     

الخاتمة

يجب التنويه مجددًا بأن توقعات المحللين - حتى المعتمدة على خوارزميات معقدة ومؤشرات موثوقة - قد لا تتحقق بالضرورة. لا يجب بأي حال التعامل مع توقعات أسعار البلاديوم كبديل عن إجراء بحوث استثمارية شخصية متعمقة. احرص على إجراء دراسات معمقة ودقيقة تشمل الاطلاع على آخر الأخبار والتحليلات المتخصصة، سواء الفنية أو الأساسية، دون إغفال آراء وتوجهات الخبراء من مصادر متعددة.

تذكر أن الأداء التاريخي لأصل مالي لا يعتبر ضامنًا للعوائد مستقبلية، وإياك والتداول بمبالغ تتجاوز قدرتك على تحمل خسارتها.

الأسئلة الشائعة

هل يشكل البلاديوم خيارًا استثماريًا مناسبًا؟

تحديد فرص ومخاطر الاستثمار في البلاديوم يعتمد بشكل مكثف على عوامل ذاتية محضة، مثل مدى استعدادك للمخاطرة، وتكوين محفظتك الاستثمارية الحالي، وغيرها. لذا من الضروري إجراء بحث مستقل وموسّع قبل الانخراط في أي نشاط استثماري.

هل يتجه سعر البلاديوم نحو الارتفاع أم الانخفاض؟

تشير توقعات محللي ANZ Research إلى تداول البلاديوم بمتوسط 2048 دولارًا للأونصة خلال عام 2023، مع ميل للهبوط ليصل سعر الأونصة إلى 1805 دولارًا في 2024. حدّد بنك أوف أمريكا هدفًا لسعر البلاديوم في 2023 عند مستوى 1740 دولارًا للأونصة، مشيرًا إلى أن "نقص الرقائق الإلكترونية يشكل سقفًا لارتفاع الأسعار على المدى القصير، إلا أن استقرار الإنتاج الصناعي سيشكل دافعًا قويًا للطلب على مدى أوسع".  تتراوح توقعات مجموعة Heraeus Group لسنة 2023 بين 1300 و2259 دولارًا، تبررها التوقعات بتحول السوق لحالة فائض مما يؤثر سلبًا على الأسعار.

ما هي العوامل الأساسية المحركة لأسعار البلاديوم؟

يتحدد سعر البلاديوم، شأنه شأن السلع الأساسية، بشكل رئيسي وفقًا لقوى العرض والطلب. يستخدم معظم البلاديوم المنتج عالميًا في المحولات الحفازة - وهي أجهزة مدمجة في نظام عادم السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري لتقليل الانبعاثات الضارة.وبالتالي، فإن أي تحوّلات هيكلية على مستوى قطاع السيارات - كالتحول المتسارع نحو السيارات الكهربائية - قادر على التأثير بشكل جذري على أسعار البلاديوم. أما جانب العرض، فيبقى خاضعًا لاستقرار وتيرة الإنتاج في المناجم، إذ من الممكن لتباطؤها خلق شح في المعروض، مما يدفع الأسعار صعودًا.

 

Capital.com هي منصة وساطة لتنفيذ الصفقات فقط، والمعلومات التي تقدمها المنصة مخصصة للأغراض المعلوماتية فقط ولا ينبغي اعتبارها عرضًا ترويجيًا أو تشجيعًا على بيع أو شراء المنتجات أو الأوراق المالية ذات الصلة. لا يتم تقديم أي تمثيل أو ضمان فيما يتعلق بدقة أو اكتمال المعلومات المقدمة. إن المعلومات المقدمة لا تشكل نصيحة استثمارية ولا تؤخذ في الاعتبار الظروف المالية الفردية أو الأهداف لأي مستثمر. أي معلومات قد يتم تقديمها فيما يتعلق بالأداء السابق لا تعتبر مؤشرًا موثوقًا للنتائج أو الأداء المستقبلي. وإلى الحد الذي يسمح به القانون، لا تتحمل منصة Capital.com (أو أي شركة تابعة أو موظف) بأي حال من الأحوال أي مسؤولية عن أي خسارة عند استخدام المعلومات المقدمة. أي قرار تأخذه بناءً على المعلومات الموضّحة يقع على مسؤوليتك الشخصية.

أي معلومات يمكن تفسيرها على أنها "أبحاث استثمارية" لم يتم إعدادها وفقًا للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية أبحاث الاستثمار وبالتالي تعتبر بمثابة عمل تسويقي.