توقعات أسعار الغاز الطبيعي: ارتفاع مرتقب في الأسعار ولمدة طويلة في عام 2022
من قبل Capital.com Research Team
09:00, 24 March 2022
شهدت أسواق الغاز الطبيعي اضطراباً مرة أخرى بسبب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بعد ثبات نسبي قصير في وقت سابق من هذا العام بسبب طقس الشتاء المعتدل والإمدادات الوفيرة.
وكانت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا قد ارتفعت مع أسعار النفط الخام والمعادن إلى أعلى مستوياتها على مدى سنوات منذ شنت روسيا هجماتها على أوكرانيا في 24 فبراير. وقد زادت الحرب من حدة المخاوف بشأن نقص العرض، وكان ذلك عاملا مسيطراً تسبب في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي معظم عام 2021.
وكان السعر المرجعي الأوروبي للغاز الطبيعي على مؤشر مرفق تحويل الملكية (TTF) الهولندي قد قام باستمرار بتخطي سعره القياسي في الأيام الأولى من شهر مارس حيث تجاوز 200 يورو لكل ميغاواط ساعي بعد الغزو.
وفي آسيا، تم تداول مؤشر اليابان-كوريا (JKM) الذي يتم تقييمه بواسطة بلاتس (Platt’s) –وهو معيار لسعر الغاز الطبيعي المسال في المنطقة – بالقرب من ارتفاع قياسي بلغ أكثر من 56 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu) كان قد وصل إليه في أكتوبر 2021. وكان تداول عقود الغاز الآجلة الأمريكية هنري هاب (Henry Hub) مرتفعاً أيضاً بما يزيد عن 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وكانت الأسواق تستجيب لارتفاع محتمل بشراء الغاز الطبيعي المسال من القارة الأوربية والمملكة المتحدة.
ومع اشتداد الحرب، تسببت الشكوك بشأن الإمدادات من ثاني أكبر منتجي الغاز الطبيعي على مستوى العالم في إبقاء الأسواق في حالة توتر. ويستعد المتداولون الآن لدورة جديدة كبرى للسلع الأساسية (وهي فترة مطولة من ارتفاع أسعار السلع الأساسية).
ما هي توقعات أسعار الغاز الطبيعي للفترة المتبقية من هذا العام وما بعده وسط تصاعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟
توقعات سعر الغاز 2022: العوامل الرئيسية المحركة للأسعار
حتى قبل أن تغزو روسيا أوكرانيا في الشهر الماضي، كانت الاضطرابات في عرض الغاز الطبيعي من قبل روسيا، أكبر مورد للغاز في أوروبا، سبباً في الإبقاء على أسعار الغاز في القارة والمملكة المتحدة في ارتفاع في العام الماضي.
وقبل عام 2022، انخفض السعر المرجعي الأوروبي للغاز الطبيعي على مؤشر (TTF) الهولندي من أعلى سعر وقدره 187.79 يورو للميغاواط الساعي في نهاية ديسمبر 2021. واستقر السعر عند حوالي 75 يورو للميغاواط الساعي في الأسابيع الأولى من هذا العام مع تعافي عرض روسيا للغاز. وساعدت الواردات الإضافية من الغاز الطبيعي المسال على سد العجز الحاصل في العرض من قبل روسيا.
ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، انخفضت عمليات تسليم الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب بنسبة 25% في الربع الرابع من عام 2021 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. وكانت روسيا قد زودت أوروبا بحوالي 40% من استهلاكها للغاز في عام 2021.
وفي آسيا، يبين التحليل الفني للغاز الطبيعي أن سعر مؤشر اليابان-كوريا (JKM) تراجع أيضاً إلى 25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في بداية عام 2022 بعد أن حقق سعراً قياسياً تجاوز 56 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في أكتوبر 2021.
ولم تدم فترة انخفاض أسعار الغاز الطبيعي طويلا. ففي 24 فبراير، بدأت روسيا غزوها لأوكرانيا، مما دفع الدول الغربية إلى فرض عقوبات مالية وتجارية على روسيا.
وأعلنت كندا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في 26 فبراير أنها عزلت بنوكاً روسيّة محددة من جمعية الاتصالات الماليّة العالميّة بين البنوك (سويفت). كما تحركت ألمانيا لتعليق التصديق على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، الذي يمكنه نقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا.
وتعليقاً على توقف مشروع نورد ستريم 2، قال فرناندو سي هيرنانديز، اختصاصي تكنولوجيا الطاقة ومدير شركة هيرنانديز أناليتيكا (Hernandez Analytica):
وفي 2 مارس، استبعد الاتحاد الأوروبي سبع بنوك قروض روسية أخرى من سويفت، ولكنه استثنى المؤسسات الأخرى التي تتولى دفع تكاليف الطاقة، وفقا لرويترز. وعلى الرغم من أن العقوبات الغربية غير موجهة نحو صادرات البلاد من الطاقة، فقد أصبحت الأسواق متوترة على نحو متزايد حتى أنها قد تحفز روسيا على الانتقام.
وقد استمرت العقود الآجلة الهولندية للغاز (TFF) بتسجيل أرقام قياسية جديدة بعد أن تخطَّت لأول مرة مستوى 200 يورو لكل ميغاواط ساعي في 2 مارس، على الرغم من تدفُّق عرض الغاز من روسيا دون انقطاع. وفي 7 مارس، ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بنسبة 42% مقارنة بسعر يوم الجمعة القريب من 270 يورو لكل ميغاواط ساعي مع ارتفاع المخاوف حول العرض.
كما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا في أعقاب الارتفاع الحاد في أسعار الغاز الأوروبي. وقفز مؤشر اليابان-كوريا (JKM) في تسليم أبريل إلى 51.77 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 7 مارس، أي ما يقرب من 43% من سعر إغلاق يوم الجمعة عند 38.65 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وذكرت الجارديان في 8 مارس أن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك قد هدد بقطع إمدادات الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 الحالي بعد أن طلبت الولايات المتحدة من حلفائها النظر في فرض حظر على واردات النفط الروسية.
ويقول هيرنانديز: "إن أمن الطاقة في ألمانيا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقرار روسيا بشأن ما إذا كانت ستقرر الاستمرار في تزويد ألمانيا بالغاز، أم أنها ستختار عدم القيام بذلك."
وأضاف قائلاً: "لدى نوفاك دليل تفصيليّ حول كيفية تحويل النفط إلى سلاح، وكيفية القيام بنفس الشيء مع الغاز في عام 2022 وما بعده. وبناءً عليه، من المهم جداً متابعة وتحليل قرار نوفاك بشأن الكيفية التي ستتعامل فيها فيما يخص نورد ستريم 1. وإذا قررت روسيا وقف تدفق الغاز الطبيعي لتحقيق مكاسب جيوسياسية في أوكرانيا (أو أي مكان آخر) فإن هذا يمكن أن يؤثر سلبًا على ألمانيا، وكذلك أوروبا."
اتجاه الغاز الطبيعي: ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال
إن الاضطرابات المحتملة لإمدادات الغاز من روسيا قد تجبر المشترين الأوروبيين على قبول المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال، الأمر الذي يزيد من المنافسة بالنسبة للمشترين الآسيويين المتعطشين للطاقة. وفي العام الماضي، ساعدت المخزونات القوية والطقس الأكثر اعتدالاً من المتوقع في شمال شرق آسيا في إعادة توجيه شحنات الغاز فائق التبريد إلى أوروبا، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية (IEA).
ولاحظت الوكالة أن تدفقات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق وهو 13 مليار متر مكعب في يناير، أي ما يقرب ثلاثة أضعاف مستويات العام الماضي وبنسبة أعلى بنحو 70% مقارنة بتدفقات خطوط الأنابيب الروسية في ذلك الشهر.
"كما يتجنب المستوردون الآسيويون للغاز الطبيعي المسال شراء الغاز الروسي بسبب تعقيدات في المدفوعات. لذلك، لا يزال الطلب على بضائع الغاز الطبيعي المسال مرتفعا"، حسبما أضافت الوكالة.
وقدرت جي بي مورغان، في مذكرتها الصادرة في 4 مارس، أنّ ما يصل إلى 33.5 مليار متر مربع من صادرات الغاز الطبيعي الروسي قد تكون في خطر خلال الفترة المتبقية من هذا العام، مع احتمال حدوث أضرار في البنية التحتية في أوكرانيا.
وبوسع الولايات المتحدة أن تستفيد من أي طلب متزايد من أوروبا في الوقت الذي تبحث فيه البلدان عن بدائل للغاز الروسي.
وقال كروكس إن مشاريع الولايات المتحدة الجديدة المقترحة التي تبلغ طاقتها الإجمالية نحو 160 مليون طن سنوياً لديها تصاريح للبناء ومبيعات التصدير. وهذا يزيد عن إجمالي القدرة التصديرية للولايات المتحدة العاملة حاليًا والتي يجري بناؤها، والتي يبلغ مجموعها حوالي 110 مليون طن سنوياً.
وقال "إن بحث الدول الأوروبية عن إمدادات إضافية يزيد من احتمال المضي قدما في تلك المشاريع".
أغلقت العقود الآجلة للغاز الأمريكي هنري هاب (Henry Hub) عند 4.83 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 7 مارس، بزيادة بلغت 5.6% مقارنة بسعر 4.57 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 1 مارس.
توقعات أسعار الغاز الطبيعي: أوروبا
حافظ بنك جي بي مورغان (J.P. Morgan) على افتراضه الأساسي بأن روسيا ستواصل الوفاء بالتزامات إمدادات الغاز الطبيعي طويلة الأجل لأوروبا. وفي توقعاته لأسعار الغاز الطبيعي لعام 2022، تنبأ البنك أن يبلغ متوسط السعر المرجعي الأوروبي للغاز الطبيعي على مؤشر (TTF) الهولندي 81.25 يورو للميغاواط الساعي.
وقال شيكا شاتوروفيدي، رئيس قسم الاستراتيجيات العالمية للغاز الطبيعي والغاز الطبيعي السائل في جيه بي مورجان (J.P. Morgan): " نفترض أن علاوة المخاطر الجيوسياسية الحالية المضمنة الآن في توقعنا للأسعار السنوية في عام 2022 والتي تبلغ 81.25 يورو لكل ميغاواط ساعي (نتيجة للمخاطر المحتملة لانقطاع الإمدادات) سوف تُقرض شمال غرب أوروبا لاستيرادها نحو 18% من الغاز الطبيعي المسال ككمية إضافية سنة تلو الأخرى، حيث من المرجح أن تجتذب أسعار مؤشر (TTF) المزيد من الشحنات المباشرة مقارنة بالعام الماضي".
وتوقع مزود البيانات الاقتصادية تريدينغ ايكونوميكس (Trading Economics) (بتاريخ 8 مارس 2022) أن سعر الغاز الطبيعي الأوروبي يمكن أن يُتداول عند 211.30 يورو لكل ميغاواط ساعي بحلول نهاية هذا الربع. وعرضت (Trading Economics) سعراً مستهدفاً للغاز الطبيعي لمؤشر TTF قدره 279.26 يورو لكل ميغاواط ساعي خلال 12 شهراً.
وفي 28 فبراير، رفعت وكالة إس بي غلوبال ريتينغ (S&P Global Ratings) العالمية توقعات سعر الغاز الطبيعي في عام 2022 من 20 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلى 30 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. بالإضافة إلى ذلك، قالت الشركة إن العرض والطلب العالميين الأساسيين قد تعززا في الأشهر الأخيرة وسيدعمان ارتفاع الأسعار على المدى القريب.
ومن المتوقع أن ينخفض مؤشر TTF لسعر الغاز الهولندي إلى 18 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2023 و12 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2024، وفقًا لوكالة إس بي غلوبال ريتينغ (S&P Global Ratings). ومع ذلك، كانت أعلى من توقعاتها السابقة البالغة 13 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية و9 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لعامي 2023 و2024، على التوالي.
توقعات الغاز الطبيعي: هنري هاب (Henry Hub)
تنبأت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، في توقعاتها لسعر الغاز الطبيعي الصادرة بتاريخ 8 فبراير، أن يصل سعر هنري هاب الفوري إلى متوسط 4.07 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2022، أي بزيادة طفيفة عن سعر 4.06 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2021. ويمكن أن ترتفع إلى 3.74 دولار في عام 2023.
وفي توقعاتها لأسعار الغاز الطبيعي عام 2022، عدّلت إس & بي غلوبال ريتينغ (S&P Global Ratings) سعر هنري هاب الفوري إلى 4 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بعد أن كان 3.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وقامت وكالة التصنيف هذه بزيادة توقعاتها لهنري هاب من 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلى 3.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وذلك لعام 2023، في حين ظل تقديرها لعام 2024 دون تغيير عند 2.75 دولار.
وفي تاريخ 8 مارس، توقعت تريدينغ إيكونوميكس (Trading Economics) أن يتم تداول هنري هاب عند مستوى 5.31 دولار بحلول نهاية هذا الربع من العام وأن يرتفع إلى 6.11 دولار في غضون 12 شهرًا.
وفي وقت كتابة هذا التقرير (مارس)، لم يقدم المحللون أسعاراً مستهدفة مستقبلية للغاز الطبيعي لعامي 2025 و2030.
وعند البحث عن توقعات أسعار الغاز الطبيعي، يتعين أن نضع في الاعتبار أن توقعات المحللين قد تكون خاطئة. وتستند توقعات المحللين على إجراء دراسات أساسية وفنية لأداء الأصل. وتذكر دائماً أن الأداء السابق لا يضمن أبداً أي نتائج مستقبلية.
قم بأبحاثك الخاصة وتذكر دائمًا أن قرار التداول يعتمد على قابليتك للمخاطرة وخبرتك في السوق وتوزيع ملفك الاستثماري بالإضافة إلى تقبل فكرة خسارة الأموال. لا تستثمر أبدًا ما لا يمكنك تكبّد خسارته.
الأسئلة المتكررة
هل سترتفع أسعار الغاز أم ستنخفض؟
وفقاً لوجهات نظر المحللين الواردة في المقال، فإن الغاز الطبيعي يأخذ اتجاهاً صعودياً مع توقع ارتفاع أسعار هنري هاب في الولايات المتحدة ومؤشر TTF في هولندا.
ما هي العوامل التي تؤثر على أسعار الغاز؟
إن الوضع الجيوسياسي الحالي وسط الصراع العسكري المستمر بين روسيا وأوكرانيا دفع أسعار الغاز إلى مستويات قياسية. وبوجه عام، تتأثر أسعار الغاز الطبيعي بعدة عوامل، منها الطلب المتصل بالطقس على أسواق التدفئة في الشتاء أو التكييف خلال فصل الصيف. يؤثر النشاط الصناعي أيضًا على الطلب على الغاز لتشغيل الآلات في المصانع. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي انقطاعات الإمداد، مثل التوقف في حقول الغاز أو الاضطرابات في خطوط أنابيب النقل أو التوزيع، إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.
ما مدى ارتفاع أسعار الغاز في عام 2022؟
توقع تريدينغ ايكونوميكس (Trading Economics) في 8 مارس 2022 أن يتم تداول أسعار الغاز الأوروبية عند 279.26 يورو لكل ميغاواط ساعي والغاز الأمريكي هنري هاب عند 6.11 دولار في غضون 12 شهرًا.
لماذا تستمر أسعار الغاز الطبيعي بالارتفاع؟
تستمر أسعار الغاز الطبيعي بالارتفاع لأن الانتعاش في الطلب مازال يتزايد مع فتح البلدان اقتصاداتها بعد الوباء. ومن ناحية أخرى، كان الطلب يعود ولكن ببطئ. وبالإضافة إلى السوق المشدود مسبقاً، أتى الغزو الروسي لأوكرانيا، مما غذى المخاوف من انخفاض العرض من قبل روسيا بسبب العقوبات المفروضة عليها نتيجة غزوها أوكرانيا.
Related topics