ما هو البيع على المكشوف وما هي آلية عمله؟

يعد البيع على المكشوف مفهومًا جوهريًا يستخدم في طائفة واسعة من استراتيجيات التداول. وفي في هذا المقال، سنغوص لنكشف عن ماهيته، وكيفية تنفيذه، وآلية عمله من خلال ضرب أمثلة واقعية على صفقات البيع على المكشوف.
ببساطة، يتضمن البيع المكشوف فتح صفقة تداول يراهن فيها المتداول على انخفاض قيمة أداة مالية. وفي سياق تداول عقود الفروقات، يقصد بالبيع على المكشوف الدخول في عقد مع الوسيط للمضاربة على انخفاض سعر سوق معين – سواء كان سهمًا أو مؤشرًا أو سلعة أو زوج عملات – دون امتلاك الأصل الأساسي فعلياً.
فإذا ما تراجع سعر الأصل الأساسي كما هو متوقع، تجنى الأرباح من خلال ازدياد قيمة مركز عقد الفروقات. وبالمقابل، إذا ما انعكس اتجاه السوق وارتفع السعر، تتكبد الخسائر جراء انخفاض قيمة مركز عقد الفروقات.
وفي النهاية، يغلق المتداول صفقة عقد الفروقات من خلال عملية "شراء" تعويضية لعقد الفروقات. ويكون الربح أو الخسارة حينئذٍ معادلًا للفرق بين سعر البيع عند فتح المركز وسعر الشراء عند إغلاقه.
ما الذي يدفع المتداولين إلى البيع على المكشوف في الأسواق؟
هناك سببان رئيسيان لاعتماد استراتيجية تداول البيع على المكشوف ضمن العدة التحليلية للمتداول.
المضاربة
يمكن للمتداولين الذين يؤمنون بأن سعر أصل معين أو سوق محددة متجه نحو الهبوط، أن يبيعوا على المكشوف لجني الأرباح من هذا التراجع المتوقع. فعلى سبيل المثال، قد يمثل الركود الاقتصادي نذيراً بتراجع أسهم معينة أو حتى قطاعات بأكملها. وقد يقدِم المتداولون على البيع على المكشوف لأصول يرونها مبالغاً في تقييمها جراء المضاربة المفرطة أو الضجة الإعلامية المحيط. وعندما يصحح السوق هذه التقييمات المضخمة، يتسنى لهم جني الأرباح من هذا التصحيح.
يمكن أن تصاحب المضاربة توظيف أدوات التحليل الفني، التي قد تكشف عن مناطق التشبع الشرائي أو مستويات المقاومة، مما يدفع المتداولين إلى البيع على المكشوف استباقاً لحركة تصحيحية. كما يشيع استخدام التحليل الأساسي، الذي ينطوي على تقييم محركات الاقتصاد الكلي المؤثرة على الأسواق. فعلى سبيل المثال، قد يدفع قرار رفع سعر الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي متداولاً ما إلى بيع سهم مثقل بالديون على المكشوف، إذ إن خدمة الدين قد تصبح أكثر كلفة مما قد يفضي إلى تقلص الأرباح.
ويمكن أيضًا أن يكون الذهب مرشحاً للبيع المكشوف في مثل هذه الظروف، لأن ارتفاع أسعار الفائدة تاريخياً يؤدي إلى قوة الدولار الأمريكي وزيادة العوائد على السندات والأصول ذات الفائدة. وبما أن الذهب لا يدر فائدة أو توزيعات أرباح، فإنه غالبًا ما يفقد جاذبيته بالمقارنة، مما يجعله خيارًا محتملًا للبيع على المكشوف في ظل هذه الظروف.
التحوّط
قد يلجأ المتداولون إلى تنفيذ صفقات بيع على المكشوف لأصول معينة بهدف التحوط ضد مخاطر تكبد خسائر محتملة في محافظهم الاستثمارية. فعلى سبيل المثال، إذا كان أحد المستثمرين يحتفظ بمحفظة متنوعة من الأسهم، فقد يقدم على بيع مؤشر ما على المكشوف كإجراء وقائي من هبوط واسع النطاق في السوق. وقد ينفذ المتداولون أيضًا عمليات تحوط ضد انكشافهم على قطاعات أو صناعات محددة يتوقعون لها مستقبلًا باهتًا، محتفظين في الوقت ذاته بمراكزهم في قطاعات أخرى.
الأداء السابق ليس مؤشرًا موثوقًا على النتائج المستقبلية.
كيفية بيع الأسهم على المكشوف
يمكن تنفيذ عملية البيع المكشوف للأسهم أو أي أصول أخرى على منصة Capital.com من خلال خطوات متسلسلة، تبدأ باختيار أصل من بين أكثر من 3,000 سوق مالي متنوع متاح لدينا. تصنف هذه الأسواق حسب فئة الأصول في القائمة الموجودة في اللوحة الجانبية اليسرى، أو يمكنك العثور عليها باستخدام شريط البحث في الأعلى.
بعد ذلك، سيظهر لك خيارا الشراء والبيع ضمن النافذة الرئيسية المخصصة لعرض الأصول. انقر على أيقونة "بيع" لتنبثق لك نافذة "تذكرة الصفقة". حينها يمكنك تحديد حجم صفقتك، وتعيين أوامر السوق المصاحبة (مثل أوامر وقف الخسارة) التي تود إدراجها ضمن صفقتك، قبل تأكيد أمر "البيع" مرة أخرى، وهذه المرة من داخل نافذة "تذكرة الصفقة" ذاتها. احرص على متابعة ومراقبة سير صفقتك عن كثب، مع إيلاء اهتمام خاص للمؤثرات الأساسية والفنية التي قد تنعكس على سعر الأصل. وعندما تقرر الخروج من صفقتك، يمكنك تنفيذ ذلك بسهولة من خلال النقر على أيقونة "شراء" ضمن نافذة "تذكرة الصفقة".
أمثلة على تنفيذ صفقات البيع على المكشوف
لنفترض أنك متداول ناشط في سوق عقود الفروقات على النفط الخام، وتعتقد أن الاجتماع المقبل لمنظمة أوبك سيسفر عن قرار بزيادة معدلات إنتاج النفط. ينتابك شعور بأن هذه الزيادة في إنتاج النفط من قبل الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" ستؤدي على الأرجح إلى نشوء فائض في المعروض في السوق، مما سيفضي حتمًا إلى هبوط الأسعار.
يغلب على معنويات السوق تجاه النفط نزعة هبوطية، لا سيما مع توقعات المتداولين بارتفاع مستويات المعروض.
وفي غضون ذلك، تشير التقارير الاقتصادية إلى ارتفاع مخزونات النفط وزيادة الطاقة الإنتاجية، مما يعزز التوقعات بهبوط الأسعار.
وبناءً على ما سبق، تقرر بيع النفط على المكشوف من خلال استخدام عقود الفروقات، فتبيع 1,000 برميل بسعر السوق الحالي البالغ 80 دولارًا للبرميل. ونظرًا لأن الهامش المطلوب لا يتجاوز 10%، فإن كل ما عليك فعله هو إيداع 8,000 دولار فقط من إجمالي قيمة الصفقة البالغة 80,000 دولار، مع التعرض الكامل لتحركات السعر على المبلغ الإجمالي.
وبما أنك حريص على متابعة أوضاع السوق، فإنك تراقب عن كثب الإعلانات الصادرة عن اجتماع أوبك وغيرها من الأنباء ذات الصلة، تأكيدًا لتوقعاتك بزيادة معدلات الإنتاج.
وبعد إعلان أوبك عن مخرجات اجتماعها، هبط سعر النفط بالفعل إلى 70 دولارًا للبرميل. حينها، تبادر بإعادة شراء عقود الفروقات على النفط بالسعر المتدني الجديد.
حساب الأرباح:
حركة السوق: هبوط السعر إلى 70 دولارًا للبرميل
إغلاق المركز: إعادة شراء 1,000 برميل من النفط بسعر 70 دولارًا للبرميل
في هذا المثال الواقعي، وبفضل دقة توقعك لحركة السوق وتوظيفك لصفقة بيع على المكشوف باستخدام عقود الفروقات، تمكّنت من جني أرباحٍ وفيرة من هبوط أسعار النفط. وهكذا، يتيح لك البيع على المكشوف فرصة الاستفادة من حركة الأسعار الهبوطية، مما يعزز من كفاءة استراتيجيتك الاستثمارية ويزيد من عائداتك المحتملة.
السيناريو الثاني
في هذا السيناريو، لنفترض أنك قمت بتنفيذ ذات الصفقة كما في المثال الأول، أي بيع 1,000 برميل من النفط على المكشوف. ولكن، على النقيض من توقعاتك، قررت منظمة أوبك الإبقاء على مستويات الإنتاج الحالية دون تغيير. ويستند هذا القرار إلى تحفظات الدول الأعضاء بشأن إغراق السوق بالمعروض، مما قد يفضي إلى هبوط حاد في الأسعار.
وبالتوازي مع ذلك، تلوح في الأفق توترات جيوسياسية في مناطق رئيسية منتجة للنفط، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. وتذكي هذه التوترات المخاوف بشأن احتمالية حدوث اضطرابات في تدفقات الإمدادات، مما يلقي بظلاله القاتمة على معنويات السوق ويدفع أسعار النفط صعوداً.
يضاف إلى ذلك، أن البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرًا من اقتصادات كبرى، تشير إلى أداء قوي لقطاع التصنيع ونمو اقتصادي في الصين أعلى من التوقعات، مما يشير إلى طلب قوي على النفط، ويزيد من احتمالية ارتفاع الأسعار.
ونتيجةً لما سبق، يرتفع سعر النفط إلى 90 دولارًا للبرميل. وبناءً عليه، تقرر مضطرًا إغلاق صفقتك للحد من تكبد المزيد من الخسائر.
حساب الخسارة:
تكلفة إعادة الشراء: 1,000 برميل × 90 دولاراً = 90,000 دولار
الخسارة: 90,000 دولار - 80,000 دولار = 10,000 دولار